كيف نتعرف على الإمام أحمد الحسن (ع) ونبايعه؟ وكيف يكون حجة علينا ونحن لم نره؟

شبهة: كيف يمكننا التعرف على الإمام أحمد الحسن (ع) ومبايعته؟ وكيف يكون حجة علينا مع أننا لم نره؟

الجواب:

هذا السؤال، وإن كان يكشف أن صاحبه لم يؤمن بالرسول محمد (ص) ولا بقانون الإيمان الإلهي الذي وضعه الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم، فقد قال تعالى في سورة البقرة:
﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾.

إذا كانت رؤية الشخص هي الفيصل للإيمان، إذن فالله سبحانه وتعالى قد كلف الناس تكليفًا عسيرًا؛ لأنه أمرهم بالإيمان بالرسل والملائكة وهم لم يروهم. فمن فينا اليوم رأى نبي الله نوح (ع) أو إبراهيم (ع) أو عيسى (ع) أو محمدًا (ص)؟!

وبالتالي، إذا كانوا يقولون: “إننا لا نؤمن إلا بما نراه”، فهذا يؤدي إلى نقض قانون الله سبحانه وتعالى.

الذي يكون جادًا في طلبه، فإن الإمام (ع) موجود بيننا بعلمه وخطاباته. فالذي يطلب اللقاء المباشر بالمعصوم (ع)، من المؤكد أنه يطلب علمًا ويقينًا يقطع بهما الشك الحاصل عنده. ومن المؤكد أيضًا أن هذا العلم واليقين لا يتأتيان (يتحصلان) من صورة الشخص في هذا العالم الجسماني، بل من العلوم والحكمة الصادرة عن المعصوم (ع).

وهذه العلوم والحكمة مبذولة في كتبه صلوات الله عليه، وأيضًا في خطاباته ولقاءاته. ويكفي أن يكون الإنسان صادقًا في طلبه، مجدًّا في البحث عن الحق، ومنصفًا في نفسه.

وعلى أي حال، لا علاقة لمعرفة المكان بالإيمان؛ فإن معرفة حق السيد أحمد الحسن (ع) يتم الوصول إليها من خلال معرفة الأدلة، وهي متاحة للجميع. أما مبايعته، فيكفي فيها النية القلبية.

ورد في الكافي – الشيخ الكليني – ج 1 – ص 329 – 330:

عن عبد الله بن جعفر الحميري قال : (اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له : يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك … إلى قوله: وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك. قال الكليني رحمه الله : وحدثني شيخ من أصحابنا – ذهب عني اسمه – أن أبا عمرو سأل عن أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا).

فالأصحاب لم يكونوا يذكرون اسم الإمام المهدي (ع) خشية عليه، فما بالكم بالمكان؟ ومعلوم أن السيد أحمد الحسن (ع) صدرت بحقه فتاوى من فقهاء الضلال تهدر دمه، فالقول فيه مثل القول في الإمام المهدي (ع).

وفي الغيبة – الشيخ الطوسي – ص 364:

(عن علي بن صدقة القمي رحمه الله  قال : خرج إلى محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه ابتداء من غير مسألة ليخبر الذين يسألون عن الاسم : إما السكوت والجنة ، وإما الكلام والنار ، فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه ، وإن وقفوا على المكان دلوا عليه).

وفي الغيبة – الطوسي- ص391:

ما قاله أبو سهل النوبختي حين سئل فقيل له: (كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك ، فقال : هم أعلم وما اختاروه . ولكن أنا رجل ألقى الخصوم وأناظرهم . ولو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم وضغطتني الحجة على مكانه لعلّي كنت أدل على مكانه . وأبو القاسم فلو كانت الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه).

فالسؤال عن مكان السيد أحمد الحسن (ع) في مثل هذا الظرف، لا يمكن الجواب عليه.

أما حجّيته، فتلزمكم وإن لم تروه، كما لزمتكم حجّية رسول الله (ص) والمعصومين (ع). وإن قلتم: يوجد فرق، من جهة أن السيد أحمد الحسن (ع) معاصر لنا، قلنا: إن الإمام المهدي (ع) معاصر أيضًا، وهو حجة على من لم يره.

وإذا قلتم: إن ثمة من رأى الإمام المهدي (ع)، نقول لكم: مثل هذا القول، فإن ثمة من رأى السيد أحمد الحسن (ع).

فحذارِ أن تركبوا مراكب من أنكر الإمام المهدي (ع) في إشكالاتهم الواهية؛ فقد أجاب بهذا الجواب على مثل هذا الإشكال.

ففي الهداية الكبرى – الحسين بن حمدان الخصيبي – ص 369:

(عن أبي خالد البصري وكان يسمى عبد ربه قال : خرجت في طريق مكة بعد مضي أبي محمد (عليه السلام) بثلاث سنين فوردت المدينة واتيت صاريا فجلست في ظلة كانت لأبي محمد (عليه السلام) وكان سيدي أبو محمد رام ان أتعشى عنده وانا أفكر في نفسي فلو كان شئ لظهر بعد ثلاث سنين فإذا بهاتف يقول لي اسمع صوته ولا أرى شخصه يا عبد ربه قل لأهل مصر هل رأيتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث آمنتم به قال : ولم أكن اعرف اسم أبي وذلك أني خرجت من مصر وانا طفل صغير فقلت ان صاحب الزمان بعد أبيه حق وان غيبته حق وانه الهاتف بي فزال عني الشك وثبت اليقين).

فهذا الرجل المصري يشك في وجود الإمام المهدي (ع)، فأجابه الإمام (ع): “قل لأهل مصر…” إلى آخره. فالحجّة لازمة له، لأنه من سمع الصوت، ولازمة لأهل مصر، لأنهم آمنوا بالرسول (ص) ولم يروه، فالشبهة ساقطة.

إقرأ ايضاً