بماذا تفسرون آلاف رؤى الشهادة التي رآها عدد كبير جداً من المؤمنين وفي بلدان مختلفة؟

الرؤيا…

جسر بين عالمي الغيب والشهادة، هي رسالة بلغة إلهية قادمة من عالم آخر لتخاطبنا برموز وقصص ولتقودنا – إن قبلنا – خلال مسيرنا إلى الحقيقة وإلى النور. وقد روت لنا النصوص الدينية – التوراة والانجيل والقرآن وروايات أهل البيت (ع) – قصصًا للرؤيا، وجلَّت لنا أهميتها الكبيرة ككلمة الرب لعباده، وكوحي إلهي بدأت منذ زمن الإنسان الأرضي الأول خليفة الله آدم (ع) واستمرت حتى يومنا هذا. وقد عانقت الرؤى أرواح خلفاء الله دائمًا ووجَّهت خطواتهم في هذا العالم، فهي طريق الوحي للأنبياء. بيد أن هذه الرسائل الغيبية لا تقتصر على الصالحين فقط، بل هي حاضرة لجميع الناس بمختلف أماكنهم وأزمنتهم وألسنتهم وعقائدهم وخلفياتهم، وحتى للطالحين منهم. ويمكن أن توصل بشارة بصلاح الطريق أو إنذارا من فساده وسوء عاقبته، أو كاشفة لأمور مستقبلية أو محذرةً من آفاق مظلمة، كما حدث مع فرعون الذي انكشفت له أسرار رؤياه بفضل تفسير نبي الله يوسف (ع).

لكننا هنا نركز على دورها كنص تشخيصي من الله على خليفته؛ أي كدليل يُعلِمنا أن شخصًا ما هو حقًا مرسل من الله، وليس مجرد مدّعٍ كاذبٍ. والحقيقة أنها دليل قطعا يلزمنا جميعا إنْ تحققت فيها الشروط التالية:

  1. مطابقتها للنص الإلهي التشخيصي الصادر من خليفة الله السابق؛ لأنه بعد آدم (ع) أصبح الخليفة ينص على وصيه أو أوصيائه من بعده. فلا توجد أي قيمة لرؤى يدعيها شخص غير منصوص عليه بعد آدم (ع)، ولا داعي للنظر فيها أصلاً.

    2.تواترها عند أشخاص يمتنع تواطؤهم على الكذب.

    3.توافرها على ما يمنع كونها من الشيطان؛ كوجود معصوم أو قرآن أو إخبار غيبي.

    4.محكمة المعنى بمجملها في التنصيص على شخص بعينه.

وبذلك تكون شهادة عظيمة من الله الذي بيده ملكوت السماوات والأرض مرافقة لخليفة الله منذ اليوم الأول من إعلان دعوته، بل وتكون مرافقة له حتى قبل إعلان دعوته للناس. والله سبحانه في القرآن عرض نفسه كشاهد لخلفاءه عند المكلفين في كثير من الآيات ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ العنكبوت: 52 ﴿وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾ النساء: 79 ﴿لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾ النساء: 166 ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ الرعد: 43 ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾ الإسراء: 96 ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾الفتح: 28، فشهادة الله بالرؤيا في النوم واليقظة لوحدها كافية لتشخيص خليفة الله في أرضه ﴿قُلْ كَفَى﴾. ومن أراد الاستزادة حول مكانة الرؤيا الصادقة في دين الله ومعرفة الأدلة على كونها نص إلهي على خليفة الله ودليل يشخصه فليراجع كتاب عقائد الإسلام للإمام أحمد الحسن.

وقد أخبرنا آل محمد (ع) بأنهم يجتمعون على صاحب الأمر إذا جاء: عن الحضرمي قال دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله (ع) وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان وقلنا ما ترى فقال (اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح) كتاب الغيبة – الشيخ النعماني ص197.  ولا يمكن ان يجتمعوا في هذه الدنيا وقد مضوا (ع) وبقي من الأئمة الاثني عشر فقط الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن المهدي (ع)؛ وبالتالي المقصود باجتماعهم هو اجتماعهم (ع) في عالم الرؤيا لتأييد صاحب الحق وحث الناس على نصرته؛ وهذا بالفعل ما تحقق في الواقع.

وعن عبد الله بن عجلان قال: ذكرنا خروج القائم (ع) عند أبي عبد الله (ع) فقلت: كيف لنا نعلم ذلك؟ فقال (ع): (يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة (اسمعوا وأطيعوا)) منتخب الأنوار المضيئة – السيد بهاء الدين النجفي ص311 – كمال الدين ص654. وهذه الصحيفة ليست مادية وإنما هي رسالة من الملكوت أي أنها رؤيا رآها النائم قبل أن يصبح. 

وقد تكفل أهل البيت (ع) في رواياتهم ببيان ارتباط قضية الإمام المهدي (ع) بالرؤيا كما في هذا الحديث الذي يربط الرؤيا برقبة صاحب هذا الأمر: عن البيزنطي قال سألت الرضا (ع) عن مسألة الرؤيا فأمسك ثم قال (ع) (إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم واخذ برقبة صاحب هذا الأمر (ع))  قرب الإسناد ص380.

بل وحتى في النبوؤات عن آخر الزمان الموجودة في التوراة والإنجيل نجد فيها ارتباط قضية المخلص والمنقذ الذي سيأتي في آخر الزمان بالرؤيا: (ويكون بعد ذلك أني اسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاما ويرى شبابكم رؤى.) يوئيل: 2:28.

كتاب “في رحاب الملكوت”… (الرابط)

 

يأخذكم في رحلة روحية عبر شهادات ملكوتية. ليُقدم لكم قسمًا يسيرًا من بين آلاف الرؤى الصادقة، والتي تم توثيقها بأسماء أصحابها وبلدانهم وعقائدهم قبل اعتناقهم للدعوة المهدوية. كل هؤلاء يجمعون في شهاداتهم على أحقية الإمام أحمد الحسن المهدي الأول من المهديين الإثني عشر المذكور في وصية رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته، واليماني الموعود، رسول من الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) ورسول من عيسى (ع) للمسيحيين ورسول من إيليا (ع) لليهود؛ والمنقذ المهدي حامل  الأمل والخلاص الذي بشرت به الديانات السماوية بمختلف ألقابه. 

وقد توفرت فيها كل الشروط التي تجعلها دليلا قطعيا  ووحيا إلهيا ينص ويشخص الإمام أحمد الحسن:

  1. هذه الرؤى تتناسب وتتوافق مع النص التشخيصي من رسول الله (ص) في وصيته التي أملاها في الليلة التي كانت فيها وفاته ووصفها بالكتاب العاصم من الضلال لمن تمسك بها الى يوم القيامة والتي يوصى فيها بخلفاءه من بعده الأئمة الإثني عشر والمهديين الإثني عشر وتشخص أولهم أحمد.
  2. نجزم بصدق رواتها، فعند التأمل في شهاداتهم، يظهر واضحًا أنهم يمثلون مجتمعًا متنوعًا من مناطق وبلدان ومدن مختلفة ويتحدثون لغات مختلفة وكذلك خلفياتهم العقائدية مختلفة، فلم يسبق لأكثرهم أن التقوا أو تعارفوا بأية صورة من الصور، بل إن الكثير منهم كانت الرؤيا سبباً في دخوله الى الدعوة المهدوية المباركة. إذن هذه الرؤى متواترة ويمتنع تواطؤ رواتها على الكذب فليس لديهم أي سبب مشترك أو غير مشترك يدفعهم إلى الافتراء والتزوير.
  3. اقتصرنا في هذا السياق على الرؤى التي فيها معصوم (ملائكة وأنبياء ومرسلين وأوصياء وأهل البيت (ع)) لأن الشيطان لا يتمثل بهم، فنكون بذلك متأكدين أنها رسائل صادقة من الله وليست مجرد أضغاث أحلام أو إلهاءات من الشيطان أو النفس كما قد يظنه البعض. 
  4. محكمة في التنصيص على الإمام أحمد الحسن. 

ندعوكم لهذه المائدة التي نزلت من السماء، فربما لن يحضر إليها من يظهرون أنهم يطيلون الصلاة والدعاء، بل يحضر إليها الخاطئون فيتوبوا إلى الله، لهذا قد بُعث الإمام أحمد الحسن، لإصلاح هؤلاء.

(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ … بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ).

إقرأ ايضاً